سألني صديق عزيز عن معنى ما كتبته على السبورة في غرفة العمليات الانتخابية، حيث كتبت “صاحب المضمون يعيش دوماً” فأخبرته بأن الشخص الذي يمتلك قيمة حقيقية، علم وثقافة، هو من سيظل في الذاكرة بينما سيختفي الآخرون مع مرور الزمن، حتى لو كانت سيرتهم سيئة، مع مرور الوقت تذكرت تلك العبارة مرة أخرى أثناء جلوسي مع مجموعة من الشباب المهتمين بالعمل العام، وقلت لهم بصدق إن الجهد الحقيقي هو الذي يستمر، أما الجهود السطحية فستزول، لذا يجب أن تأتي قيمتكم من المضمون الحقيقي الذي تحمله، وإذا لم يكن لديكم هذا المضمون، فمن الأفضل أن تتركوا المكان لأنه لا يناسبكم.

كنت أنوي كتابة بعض الأفكار عن العام الماضي والعام المقبل، رغم أنني لا أحب التوقف عند الحاضر وأفضل التفكير في المستقبل، لأن أي خبر عظيم يصبح ماضياً بمجرد نشره، لكنني توقفت للحظة، هل يعرف الجيل الحالي أي شخصيات تاريخية أو علماء مصريين؟ هل يعرفون المطربين القدامى أو الأفلام والمسلسلات القديمة؟ أم أن كل ما يعرفونه هو حياة “الريلز” التي تجعل الأطفال يشعرون بالملل؟ هذا تجريف عقلي للشخصية المصرية، ويجب أن ننتبه له.

شاهدت الجزء الأول من مسلسل “ليالي الحلمية” لأول مرة، ورأيت الصراع بين سليم بيه البدرى والعمدة سليمان غانم في الانتخابات، حيث فاز سليم في جولة رغم عدم نزوله الدائرة، بينما فاز سليمان في جولات أخرى، هذا هو حال الانتخابات في واحدة من أعظم المسلسلات المصرية، ولم أستطع التوقف عن المشاهدة حتى سمعت “الست” تغني “ودارت الأيام”، وهي أغنية عمرها 55 عاماً وما زالت تحمل مضمونها.

جلست مع صديق نتحدث عن الأوضاع في الصومال واليمن، وما يحدث في فنزويلا وروسيا وأوكرانيا، وتطورات غزة والسودان، وكذلك الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل، وأشار لي إلى بيان صادر عن حزب مصري حول الصين وتايوان، فقلت له يبدو أن هذا الحزب لديه فرع في التوفيقية ويخشى من تقلبات الاستيراد من الصين، وتذكرت أن هذا العام بدأ بانتخابات ترامب، ومع كل هذه الأحداث، لم أستطع التفكير في أخبار أخرى حتى جاء خبر الفصائل في غزة عن شهدائهم في الفترة الأخيرة، مما أعادني إلى بداية حديثي.