كشف محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عن انقسام غير مسبوق بين صناع السياسة النقدية خلال الاجتماع الذي استمر يومين في ديسمبر، حيث تم إقرار خفض أسعار الفائدة بعد مناقشات دقيقة وحساسة في ظل المخاطر المختلفة التي تواجه الاقتصاد الأميركي.

وأوضح المحضر، الذي نُشر مؤخرًا، أن قرار خفض سعر الفائدة لم يكن سهلاً، حيث أشار عدد من الأعضاء الذين أيدوا الخفض إلى أن القرار كان “متقاربًا للغاية”، مؤكدين أنه كان من الممكن الإبقاء على النطاق المستهدف دون تغيير، نظرًا لاختلاف تقديرات المخاطر المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتضخم.

وأظهرت التوقعات الاقتصادية الصادرة عقب اجتماع التاسع والعاشر من ديسمبر أن ستة مسؤولين عارضوا قرار الخفض بشكل صريح، بينما أبدى عضوان مصوتان في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة اعتراضهما الرسمي، وفي المقابل، أيد معظم المشاركين خفض أسعار الفائدة، معتبرين أن هذه الخطوة تمثل استراتيجية مناسبة لدعم سوق العمل، خاصة مع تباطؤ وتيرة خلق فرص العمل خلال الأشهر الأخيرة.

في المقابل، أعرب عدد من الأعضاء عن قلقهم من أن خفض أسعار الفائدة قد يعرقل التقدم المحقق في مسار خفض التضخم نحو الهدف البالغ 2%، مما يعكس التوازن الدقيق الذي يسعى الفيدرالي للحفاظ عليه بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على الضغوط التضخمية.

وكان البنك المركزي الأميركي قد أقر في ديسمبر خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصل النطاق المستهدف لسعر الفائدة القياسي لليلة واحدة إلى ما بين 3.5% و3.75%، في ثالث خفض متتالٍ، مدفوعًا بتباطؤ سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة على أساس سنوي.

ورغم هذا التوجه التيسيري، أشارت التوقعات الجديدة الصادرة عن الفيدرالي إلى احتمال تنفيذ خفض واحد فقط في أسعار الفائدة خلال العام المقبل، ما يعكس حذرًا متزايدًا في ظل استمرار الضبابية بشأن مسار التضخم والنشاط الاقتصادي.

وأكد بيان السياسة النقدية أن المجلس من المرجح أن يتبنى نهج الترقب خلال الفترة المقبلة، لحين صدور بيانات جديدة توضح الاتجاه الفعلي للتضخم أو تكشف عن تدهور أكبر في سوق العمل، ومن المنتظر صدور بيانات الوظائف وأسعار المستهلكين لشهر ديسمبر في التاسع والثالث عشر من يناير على التوالي.

ويُعقد الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يومي 27 و28 يناير، وسط توقعات واسعة من المستثمرين بأن يُبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، في انتظار إشارات أوضح بشأن اتجاه الاقتصاد الأميركي خلال عام 2026.