في جريدة الأخبار، وفي بداية عام 1960، كتب الكاتب الصحفي محمد التابعى، المعروف بلقب أمير الصحافة، مقالًا يتحدث فيه عن ذكرياته في ليلة رأس السنة. محمد التابعى، الذي وافته المنية قبل أيام من ليلة رأس السنة عام 1976، كان له دور بارز في الصحافة وكان صحفيًا مفضلًا للعائلة المالكة قبل الثورة.

تحدث التابعى عن كيفية قضائه ليالي رأس السنة، حيث كان يقضي يومين في الفراش، محاولًا تخفيف آلام رأسه من السهر، وكان أحد هذين اليومين هو ليلة رأس السنة. في تلك الليلة، قرر أن يبقى في منزله وحده، بعيدًا عن الاحتفالات.

قال إنه في الصباح الباكر، وهو يجلس إلى مكتبه، كان يشعر بالهدوء بعد أن أقسم ألا يقضي ليلة رأس السنة مع أحد، وأن يستقبل العام الجديد بعزيمة جديدة. أطفأ الأنوار في منزله وتركها خافتة لتضفي جوًا من الحزن على ذكرياته.

تذكر التابعى شعور الوحدة في تلك الليلة، حيث أدرك أن كل عام يمر يقترب به من خريف حياته. بينما كان يستمع إلى الراديو، اختار المذيع أغنية حزينة لأم كلثوم، مما زاد من شعوره بالوحدة. كانت تلك هي المرة الأولى التي يقضي فيها رأس السنة بمصر منذ خمس سنوات، وشعر بأنه غريب بين أهله وأصدقائه.

توالت الذكريات أمام عينيه، بعضها كان في مصر ومعظمها في أماكن أخرى كباريس ولندن وبرلين. كل صورة كانت بمثابة صفحة كتبها بدم قلبه، وأحس أنه لا يوجد شيء جديد ليكتبه بعد.

عندما دقت الساعة الحادية عشرة، أصبح لديه ساعة واحدة فقط قبل بدء العام الجديد، وكانت تلك اللحظة تمثل أهمية كبيرة للمحبين الذين يتبادلون الأمنيات. لكن بالنسبة له، كان قلبه في ظلام ولم يكن بحاجة لإطفاء الأنوار.

كتب تلك السطور قبل عشرين عامًا، قبل أن يتزوج وينجب أطفالًا، والآن يعتبرهم أغلى ما في حياته، وقد أعادوا له النور في حياته مجددًا.