يتجه سوق النفط نحو تسجيل أكبر خسارة سنوية له منذ جائحة كورونا في 2020، حيث تتعرض الأسعار لضغوط كبيرة بسبب مخاوف من فائض متوقع في المعروض، مما يؤثر على معنويات السوق مع اقتراب العام الجديد. خام “برنت” لتسليم مارس يتداول قرب 61 دولاراً للبرميل، والأسعار تسجل خامس خسارة شهرية على التوالي، مع انخفاض بنحو 20% هذا العام. أما خام “غرب تكساس” الوسيط، فقد انخفض دون 58 دولاراً للبرميل، في وقت يركز فيه المتعاملون على اجتماع مرتقب لتحالف “أوبك+”، بالإضافة إلى تقرير أميركي سلبي من قطاع الصناعة، إلى جانب عدة توترات جيوسياسية.
تراجعت أسعار النفط هذا العام نتيجة زيادة الإمدادات من “أوبك+” ومنتجين آخرين، بينما تباطأ نمو الطلب. العديد من المؤسسات، بما في ذلك وكالة الطاقة الدولية، تتوقع وجود فائض كبير في السوق العام المقبل، بينما منظمة “أوبك” لا تزال متفائلة، متوقعة فائضاً أقل. وفي الأمد البعيد، قد تدفع الأسعار المنخفضة شركات الحفر إلى تقليل استثماراتها، مما قد يهيئ الطريق لتعافٍ في الأسعار لاحقاً. تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “ساكسو ماركتس”، تشير إلى أن تأجيل الاستثمارات الآن قد يؤدي إلى قفزة غير منظمة في الأسعار لاحقاً، حيث يواجه سوق النفط مزيجاً من الراحة على المدى القصير والقلق على المدى الطويل.
أعضاء “أوبك+” سيعقدون اجتماعاً افتراضياً في الرابع من يناير، ومن المتوقع أن يتفقوا على تجميد أي زيادات إضافية في الإمدادات بسبب وجود أدلة متزايدة على فائض في السوق. وفي الوقت نفسه، أفاد “معهد البترول الأميركي” بأن مخزونات الخام ارتفعت بمقدار 1.7 مليون برميل الأسبوع الماضي، وإذا تأكدت هذه الأرقام في البيانات الرسمية، ستكون أكبر زيادة منذ منتصف نوفمبر. كما أشار المعهد إلى زيادة في مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
التوترات الجيوسياسية تلقي بظلالها أيضاً على السوق، حيث أعلنت الإمارات، العضو في “أوبك+”، عن سحب قواتها من اليمن في ظل تصاعد التوترات العسكرية هناك. من ناحية أخرى، يراقب المتعاملون الحصار الأميركي الجزئي على شحنات النفط من فنزويلا، حيث أثار إعلان الرئيس الأميركي السابق عن ضربة سرية تساؤلات حول مدى استعداد واشنطن للضغط على نظام الرئيس مادورو. كما أن جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا تتصدر المتابعة، حيث أكد المتحدث باسم الكرملين أن روسيا ستشدد موقفها التفاوضي بعد هجوم مزعوم.
هبوط أسعار النفط ساهم في تقليل الضغوط التضخمية، مما دعم صناع السياسات النقدية الذين يسعون لاحتواء ارتفاع الأسعار. مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في 2025، وأظهرت محاضر اجتماعه الأخير أن معظم المسؤولين يرون إمكانية لمزيد من التخفيضات. لكن هذا التراجع يشكل تحدياً للمنتجين، بما في ذلك دول “أوبك+” التي تعتمد على إيرادات النفط. السعودية توقعت عجزاً في الميزانية يقدر بنحو 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ضعف التقدير السابق.
شهدت التداولات يوم الأربعاء نشاطاً محدوداً، حيث غاب عدد كبير من المتعاملين، ومن المتوقع أن تُغلق معظم الأسواق المالية، بما في ذلك سوق النفط، يوم الخميس بمناسبة عطلة رأس السنة.

