قفزت العقود الآجلة للفضة بنسبة تصل إلى 5% في صباح اليوم الثلاثاء، مواصلةً بذلك تقلبات أسعار المعادن النفيسة خلال عام 2025، حيث ارتفعت العقود الآجلة للفضة تسليم مارس بنسبة 5.3% لتصل إلى 74.17 دولار للأونصة عند الساعة 10:30 صباحًا بتوقيت لندن، مسجلة مكاسب بنسبة 153% منذ بداية العام
سجلت العقود الآجلة للفضة مستوى قياسي جديد ليلة الاثنين، حيث بلغت 80 دولارًا للأونصة لأول مرة، لكن هذه المكاسب تلاشت سريعًا، وسجل المعدن أكبر انخفاض يومي له منذ فبراير 2021، ليغلق الجلسة منخفضًا بنسبة 8.7%.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “KKM Financial” جيف كيلبورغ: “هذه حركة تاريخية، لم نشهد حركة كهذه منذ فترة طويلة” ومع ذلك، قد لا تتركز مكاسب السلع الأساسية في عام 2026 بنفس القدر الذي شهدته هذا العام، وفقًا لفلوريان إيلبو، رئيس قسم الاقتصاد الكلي في شركة لومبارد أودير لإدارة الاستثمارات، حيث يتوقع أن تسارع النمو في العديد من الدول قد يؤثر على مكانة المعادن النفيسة كملاذ آمن
صرح إيلبو: “نرى أن السلع الأساسية من بين أفضل القطاعات أداءً للعام المقبل، لكن مصدر هذا الأداء يعود إلى دورية السلع الأساسية أكثر من المعادن النفيسة الدفاعية” وعلى الجانب الآخر، تعافت العقود الآجلة للذهب من انخفاض حاد يوم الاثنين، وصعدت إلى مستوى 4394.30 دولار للأونصة، مرتفعة بنسبة 1.2%
في الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة للنحاس إلى 5673 دولارًا للأونصة، بنسبة 1.9%، وشهدت المعادن النفيسة عامًا استثنائيًا، مدفوعة بعوامل متعددة، حيث استفاد الذهب والفضة من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتُعتبر هذه المعادن وسيلة للتحوط ضد التضخم، كما أن ضعف الدولار الأميركي يجعل المعادن أرخص وأكثر جاذبية للمشترين الأجانب.
ساهمت التوقعات بخفض أسعار الفائدة والمخاوف بشأن قيود العرض في ارتفاع الأسعار، وخلال عطلة نهاية الأسبوع، حذر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، من أن القيود الصينية على تصدير الفضة، المقرر دخولها حيز التنفيذ في الأول من يناير، “ليست في صالحنا” وأشار ماسك إلى أن الفضة ضرورية في العديد من العمليات الصناعية، مما قد يسهم في ارتفاع الأسعار أكثر.
تُستخدم الفضة على نطاق واسع في الإلكترونيات، بما في ذلك ألواح الطاقة الشمسية ومراكز البيانات والمركبات الكهربائية، وفي سياق متصل، قال الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد لدى جامعة قطر، جلال قناص، إن الاقتصاد العالمي مقبل على مرحلة متزايدة من عدم اليقين، مدفوعة بشكل أساسي بالغموض الذي يكتنف مسار السياسات النقدية للبنوك المركزية، ولا سيما في الولايات المتحدة، ما انعكس سلبًا على الأسواق العالمية وأسواق الأسهم.
أضاف قناص: “غياب رؤية واضحة بشأن توجهات السياسة النقدية الأميركية، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، والحروب التجارية والرسوم الجمركية، أسهم في إرباك المشهد الاقتصادي العالمي” مؤكدًا أن هذه العوامل تظل من أبرز المؤثرات في المرحلة المقبلة
وأشار إلى أن المتغيرات الأساسية التي تترقبها الأسواق تتمثل في مسار أسعار الفائدة، واتجاهات التضخم، ومدى تأثرها بالسياسات التجارية والظروف الاقتصادية، إلى جانب تطورات سوق العمل في الولايات المتحدة وأوروبا وبريطانيا، باعتبارها مؤشرات حاسمة في رسم ملامح السياسة النقدية المستقبلية.
وأوضح قناص أن الارتفاعات في أسعار الذهب والفضة ترتبط بشكل وثيق بالتوترات الاقتصادية العالمية، والصراع الاقتصادي الأميركي-الصيني، إضافة إلى توجه البنوك المركزية نحو التحوط وتقليص الاعتماد على الدولار، لافتًا إلى أن الطلب الصناعي على الفضة، خصوصًا في مجالات الرقائق الإلكترونية، يعزز من زخمها السعري.
أكد قناص أن استمرار الضغوط الحالية مرهون باتجاهات السياسة الاقتصادية للإدارة الأميركية، مشيرًا إلى أن أي عودة للتفاهمات الاقتصادية قد تخفف الضغوط على الذهب والفضة، بينما استمرار التوترات قد يدفع الأسعار لمزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة.

