قال الدكتور هاني جنينة، رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس، إن الحكومة تخطط لتنفيذ استراتيجية شاملة لخفض الدين العام المحلي والخارجي، ومن المتوقع أن تُعلن تفاصيلها قريبًا، وأشار إلى أن التركيز سيكون على الدين المحلي لأنه الأسهل والأسرع في التعامل معه.

وأوضح جنينة أن الخطة تستهدف المقرضين الرئيسيين للحكومة، خصوصًا البنوك المحلية الكبرى مثل البنك الأهلي المصري وبنك مصر، حيث تمثل أذون وسندات الخزانة حوالي 50% من إجمالي أصول هذه البنوك. وأكد أن إجمالي أصول البنوك يتراوح بين 15 و16 تريليون جنيه، منها حوالي 8 إلى 9 تريليونات جنيه مستثمرة في أذون وسندات الخزانة.

وأشار إلى أن الطريقة الأكثر فاعلية تتمثل في مبادلة جزء من هذه المديونية بأصول تحقق عوائد دورية ومستدامة، بحيث تنتقل ملكية هذه الأصول إلى البنوك الوطنية الكبرى وفق تقييم عادل، مما يضمن تحقيق العائد اللازم لسداد الودائع وفي الوقت نفسه تقليل الدين المحلي.

وأضاف أن من بين الأصول القابلة للمبادلة رسوم الطرق، حيث يمكن تحويل منافذ الرسوم على مستوى الجمهورية إلى شركة يتم تقييمها والتنازل عنها للبنوك الدائنة لفترات زمنية محددة مقابل شطب أجزاء من الديون، كما أشار إلى إمكانية نقل ملكية الموانئ من وزارة المالية إلى البنك الأهلي أو بنك مصر مقابل شطب مديونيات قائمة، بالإضافة إلى أصول أخرى مدرة للعائد يمكن أن تسهم في خفض الدين المحلي بشكل ملحوظ، وأكد أن العاصمة الإدارية الجديدة قد تلعب دورًا مماثلًا إذا حققت عائدًا مستدامًا.

وفيما يتعلق بالدين الخارجي، أكد جنينة أن الحكومة تسعى للتخلص من جزء كبير منه عبر مبادلة الديون مع دول وجهات موثوقة مثل الكويت والسعودية والإمارات، وأشار إلى مفاوضات سابقة بشأن ودائع كويتية بقيمة 4 مليارات دولار لم تكتمل بعد، بالإضافة إلى مفاوضات أخرى مع دول أوروبية لمبادلة الديون باستثمارات، وهذا يعتبر من أسرع الطرق لتقليل المديونية الخارجية.

وأوضح أن الهدف ليس خفض الدين الخارجي إلى الصفر، بل إعادته إلى مستوى آمن يقارب 100 مليار دولار، مما يتطلب التخلص من حوالي 60 مليار دولار عبر مبادلات الديون، إلى جانب الاستفادة من عودة إيرادات قناة السويس الدولارية إلى مستوياتها الطبيعية قبل الأزمات الأخيرة.

وحول خيار شطب الديون، أكد جنينة أن مصر سبق أن شطبت نحو نصف مديونياتها بعد حرب الخليج، لكن اللجوء إلى هذا الخيار يتطلب دراسة دقيقة للشروط، والتأكد من عدم تعارضها مع الأمن القومي، وأكد أن استمرار الديون يبقى أفضل من قبول شروط مجحفة.

واختتم بالتأكيد على ضرورة وضع سقف ملزم للدين العام لا يمكن تجاوزه، مقترحًا أن لا يزيد على 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك قبل مراجعات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2026، وأشار إلى أن هذه الخطوات ستعزز ثقة المستثمرين وترفع التصنيف الائتماني لمصر وتجذب استثمارات أجنبية مضاعفة، بالإضافة إلى دعم فرص العمل وتحسين قيمة الجنيه المصري.