رغم كل التوترات الجيوسياسية التي نشهدها، تتجه أسعار النفط في عام 2025 نحو أكبر انخفاض سنوي منذ جائحة كورونا في عام 2020، وهذا يدل على أن توازن العرض والطلب هو العامل الرئيسي الذي يؤثر على الأسعار. المخاطر الجيوسياسية، مثل الحرب بين إيران وإسرائيل والعقوبات المفروضة على روسيا، بالإضافة إلى الحصار الذي فرضه ترامب على النفط الفنزويلي، أدت إلى ارتفاع مؤقت في أسعار النفط، لكنها لم تغير اتجاهها العام.
بالمقابل، زاد المعروض من النفط خارج تحالف أوبك+، مما ضغط على الأسعار، لتسجل أدنى مستوياتها منذ عام 2021، وفقًا لتقرير وحدة أبحاث الطاقة في واشنطن. خام برنت، على سبيل المثال، تم تداوله بين 58.40 و82.63 دولارًا للبرميل خلال عام 2025، ولم يصل إلى مستويات الـ40 دولارًا كما توقعت بعض المؤسسات، وذلك بفضل الزيادات الحذرة في الإنتاج من جانب أعضاء أوبك+.
تحركات أسعار النفط في 2025
أسعار العقود الآجلة للنفط شهدت انخفاضًا بنسبة 17% لخام برنت و19% لخام غرب تكساس الأميركي منذ بداية العام حتى نهاية ديسمبر. خام برنت من المتوقع أن ينهي العام فوق 61 دولارًا بعد أن أغلق العام الماضي فوق 74 دولارًا، بينما خام غرب تكساس الذي أغلق قرب 72 دولارًا يتجه لإنهاء 2025 فوق 58 دولارًا.
يوضح الرسم التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، تحركات أسعار خام برنت اليومية في 2025:
بالتفصيل، شهدت أسعار النفط تقلبات ملحوظة، حيث ارتفعت فوق 80 دولارًا للبرميل في يناير بسبب تخفيضات الإنتاج الطوعية من أوبك+. لكن الأسعار انخفضت في الشهرين التاليين لتصل دون 70 دولارًا بعد بدء ترامب حربًا تجارية في فبراير، مما أثار مخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي وتأثيره على الطلب.
في الربع الثاني، سجلت أسعار النفط أقل مستوى لها تحت 60 دولارًا لخام برنت في مايو، مع زيادة إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك+ وبدء زيادة الإنتاج من أوبك+. في يونيو، صعد خام برنت قرب 79 دولارًا نتيجة الحرب بين إيران وإسرائيل، ولكنه سرعان ما عاد للهبوط مع استقرار الأوضاع.
في النصف الثاني من العام، استمرت الأسعار في الانخفاض ولكن بتقلبات أقل، حيث تراوحت بين 60 و70 دولارًا، مع ارتفاعات بسيطة فوق 73 دولارًا، وذلك تزامنًا مع مستويات إنتاج قياسية في الولايات المتحدة.
تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يصل المتوسط الفوري لأسعار النفط في 2025 إلى 68.91 دولارًا لخام برنت، مقارنة بـ80.56 دولارًا في 2024، كما يوضح الرسم البياني أدناه:
المحركات الأساسية لأسعار النفط في 2025
تحدد وحدة أبحاث الطاقة ثلاث محركات رئيسة تؤثر على أسعار النفط في 2025:
- تباطؤ نمو الطلب على النفط: شهد الطلب العالمي على النفط تباطؤًا مقارنة بعام 2024، حيث تزايدت الضغوط الاقتصادية بعد حرب الرسوم الجمركية. وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة، تباطأ نمو الطلب إلى 0.835 مليون برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 103.9 مليون برميل.
حتى تقديرات أوبك الأكثر تفاؤلًا تشير إلى تباطؤ نمو الطلب إلى 1.30 مليون برميل يوميًا مقارنة بـ1.6 مليون برميل في 2024.
يوضح الرسم البياني أدناه الطلب العالمي على النفط:
- وفرة المعروض النفطي: يبقى فائض المعروض هو العامل الأبرز في تحركات أسعار النفط، مع تقديرات وكالة الطاقة الدولية بنمو المعروض العالمي بمقدار 3.1 مليون برميل يوميًا، ليصل إلى مستوى قياسي عند 106.2 مليون برميل.
أسفر ذلك عن فائض في المعروض بلغ 2.3 مليون برميل يوميًا، حيث أسهمت الدول غير الأعضاء في أوبك+، مثل الولايات المتحدة التي تجاوز إنتاجها 13.8 مليون برميل يوميًا، في زيادة المعروض.
- التطورات الجيوسياسية: كانت تأثيرات الأحداث الجيوسياسية مختلطة، حيث شهدت الأسعار ارتفاعات خلال يونيو بسبب الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ولكنها أيضًا تلقت ضغوطًا من الآمال المتعلقة باتفاق سلام محتمل بين روسيا وأوكرانيا.
مخزونات النفط العالمية
مع زيادة المعروض العالمي، ارتفعت مخزونات النفط إلى أكثر من 8 مليارات برميل، وهو أعلى مستوى خلال 4 سنوات، مما ضغط على الأسعار. تُقدّر إدارة معلومات الطاقة ارتفاع مخزونات النفط التجارية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 2.919 مليار برميل بنهاية 2025، مقارنة بـ2.743 مليار برميل بنهاية عام 2024.
هذا سيكون أعلى مستوى لمخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي منذ أوائل 2021، كما يوضح الرسم البياني التالي:
تُقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية ارتفاعًا طفيفًا بمخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية في الولايات المتحدة إلى 1.265 مليار برميل بنهاية 2025، بعد أن أنهت عام 2024 عند 1.236 مليار برميل.
مخزونات النفط الخام بلغت 426.8 مليون برميل حتى الأسبوع المنتهي في 19 ديسمبر 2025، مقابل 416.8 مليون برميل في نفس الأسبوع من 2024.
يوضح الرسم البياني التالي مخزونات النفط الخام الأميركية أسبوعيًا:
المصادر تشمل رصد أسعار النفط من وحدة أبحاث الطاقة، والمعروض العالمي من تقديرات وكالة الطاقة الدولية، وتوقعات مخزونات النفط من إدارة معلومات الطاقة.