في بداية يناير 1946، كتب الأديب توفيق الحكيم مقالًا في جريدة أخبار اليوم، وأعاد نشره لاحقًا في كتابه «قلت يومًا»، حيث أكد على أهمية زيارة خزان أسوان، واعتبره من عجائب الهندسة الحديثة بلا منازع. وقال الحكيم إن الحديث عن الخزان وكهربائه يظل ضعيفًا أمام جماله الذي يمكن إدراكه فقط بالعين، فالكلمات لا تعبر بدقة دائمًا عن هذا الجمال.
وفي ليلة رأس السنة، بينما كان يستعد لاستقبال العام الجديد، عبر الحكيم عن أمله أن تكون حياته قد تركت أثرًا، وأنه قد مهد الطريق لجيل جديد، وأراد أن يعرف أن جهوده لم تذهب سدى، بل ساعدت في إضاءة الطريق للأجيال القادمة.
زيارة إلى خزان أسوان
تحدث توفيق الحكيم عن زيارته لخزان أسوان في إجازة رأس السنة، حيث وصف لحظة وصوله إلى السد الذي يرتفع أكثر من ثلاثين مترًا ويمتد لأقل من كيلومترين، حيث سمع صوت المياه التي تتدفق وكأنها أمواج البحر، ورذاذ الماء الذي يضرب وجهه مثل المطر، ورأى قوس قزح بألوانه الزاهية ينعكس على الصخور.
قال الحكيم إنه تمنّى لو أن هناك فندقًا أو كازينو أو أماكن صغيرة لتناول الشاي في تلك الجزر الكثيرة، وأشار إلى أن المياه المخزونة تقدر بحوالي خمسة آلاف مليون متر مكعب، تُستخدم بحساب دقيق لتلبية احتياجات مصر من الشرب والري.
تركيب عجيب لأحجار الجرانيت
استمر في وصفه حيث مرّ بمعبد أنس الوجود الذي غمره الماء، ولم يتبق منه سوى قمة المدخل، ولفت انتباهه أحجار الجرانيت التي تتوازن بشكل غريب، وكأنها تتكئ على بعضها البعض، مما أثار دهشة الحاضرين. وعلق أحدهم على ثبات الحجر الذي لم يسقط رغم مرور الزمن، فقال الحكيم إن ذلك يعود لأنه لم يجد من يسقط عليه.
بعد ذلك، عادوا إلى الفندق للاحتفال بليلة رأس السنة، حيث تناولوا الديك الرومي واستمتعوا بالرقص والموسيقى والصخب الذي عم المكان.
مقلب طريف في رأس السنة
اختتم توفيق الحكيم مقاله بموقف طريف حدث في سهرة رأس السنة، حيث وجد نفسه بين سيدتين جميلتين، وعندما أطفئت الأنوار منتصف الليل لتوديع العام القديم واستقبال الجديد، حدث ما لم يكن في الحسبان. وعندما أُعيد النور، اكتشف أنه قد قبل، لكنه لم يرَ الجميلتين اللتين كان بينهما، مما جعل الموقف أكثر طرافة، وطلب الحكيم من الله أن تكون سنة 1946 سنة خير.

