التحول الرقمي في صناعة التأمين لم يعد مجرد استخدام تقنيات جديدة، بل أصبح سؤالًا مهمًا حول كيفية اتخاذ القرارات والعلاقة بين البشر والتكنولوجيا في مجال يعتمد أساسًا على الثقة والمهنية.
الذكاء الاصطناعي بين الكفاءة وحدود الاعتماد الكامل
في نشرته الأخيرة، أشار اتحاد شركات التأمين إلى أن الكثير من شركات التأمين حول العالم بدأت تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة العمل وتسريع الإجراءات وتحليل البيانات الكبيرة.
لكن التجارب العملية أظهرت أن الاعتماد الكلي على الخوارزميات دون إشراف بشري لا يتناسب مع طبيعة العمل في التأمين، حيث يحتاج الأمر إلى فهم عميق وسياق مهني وتقدير قانوني وأخلاقي للقرارات المتخذة.
نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي: خيار استراتيجي
يبرز نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي كخيار أكثر نضجًا وواقعية للتحول الرقمي، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة للتحليل والتنبؤ، بينما يبقى الإنسان هو الحكم النهائي وصانع القرار، مما يحقق الكفاءة دون المساس بالحوكمة أو الجانب الإنساني.
كما أضاف اتحاد الشركات أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الاكتتاب وإدارة المطالبات يسهل تحليل المخاطر بسرعة، بينما يقوم العنصر البشري بتفسير النتائج ومراجعة الحالات الاستثنائية لضمان العدالة والامتثال للمعايير التنظيمية.
أما في إدارة المطالبات، فتساعد الأنظمة الذكية في تسريع المعالجة واكتشاف الاحتيال، ولكن يبقى التواصل البشري مهمًا في الحالات المعقدة لبناء الثقة مع العملاء.
تفضيلات العملاء وأهمية البُعد الإنساني
تشير الدراسات إلى أن العملاء يقدّرون كفاءة الذكاء الاصطناعي، لكنهم يفضلون وجود العنصر البشري خاصة في القرارات الحساسة، مما يعكس أهمية التوازن بين السرعة الرقمية والتعاطف الإنساني.
مستقبل التأمين في السوق المصري
نموذج التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي يبدو هو الخيار الأنسب لسوق التأمين المصري، حيث تتداخل اعتبارات الخصوصية والثقة مع أهمية العلاقات طويلة الأمد، وبالتالي فإن مستقبل التحول الرقمي في التأمين يعتمد على التكامل وليس الاستبدال، مما يعزز جودة القرار ويقلل المخاطر ويدعم استدامة السوق ونموه.

