وافق الكونجرس المكسيكي على فرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على الواردات القادمة من الصين، وهذه الخطوة تأتي في إطار محاولة مواءمة السياسة المكسيكية مع الولايات المتحدة تحت ضغوط من واشنطن، حيث صوت مجلس النواب المكسيكي بالموافقة على هذه الرسوم التي تشمل الصين ودولًا أخرى ليس لديها اتفاقيات تجارية مع المكسيك، وصادق مجلس الشيوخ على مشروع القانون في جلسة سريعة، إذ صوت 76 سيناتور لصالحه مقابل 5 أصوات معارضة بينما امتنع 35 عن التصويت.
من المتوقع أن تصادق الرئيسة كلوديا شينباوم، التي اقترحت هذه الرسوم في سبتمبر، على التشريع ليصبح ساريًا اعتبارًا من يناير المقبل، وستشمل الرسوم مجموعة واسعة من البضائع مثل قطع السيارات والمنسوجات والأثاث والبلاستيك والصلب والألومنيوم.
مارس الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضغوطًا كبيرة على الدول الأخرى لتقليل تعاملها مع الصين، وتعتبر الرسوم المكسيكية الجديدة إحدى أكبر الخطوات المتخذة في هذا الاتجاه، فالصين هي ثاني أكبر مصدر للمكسيك بعد الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمة البضائع الصينية المصدرة إلى المكسيك العام الماضي 130 مليار دولار، بينما بلغت صادرات الولايات المتحدة إلى المكسيك 334 مليار دولار في نفس الفترة، ونفت الرئيسة شينباوم أن تكون الرسوم تهدف لإرضاء واشنطن، مؤكدة أن الهدف هو تعزيز الصناعة المحلية في المكسيك وتقليل العجز التجاري الكبير مع الصين، التي تستورد من المكسيك كميات قليلة مقارنة بما تصدره لها.
أما الحكومة الصينية فقد انتقدت بشدة هذه الرسوم، محذرة المكسيك من التفكير مليًا في تبعات هذا القرار، ووصفت الإجراءات بأنها مفروضة تحت الإكراه للضغط على الصين، وأكدت وزارة التجارة الصينية أن زيادة الرسوم ستضر بشكل كبير بالصين وبشركاء تجاريين آخرين للمكسيك، داعية مكسيكو إلى تصحيح ممارساتها الأحادية والحمائية في أقرب وقت، مضيفة أن تحقيقًا حول العوائق التجارية الذي أطلقته في سبتمبر لا يزال قيد المراجعة.
تتهم إدارة ترامب المكسيك بأنها تشكل منفذًا خلفيًا لدخول البضائع الصينية إلى الولايات المتحدة، لذا فرض البيت الأبيض رسومًا جديدة على المنتجات المكسيكية التي تحتوي على مكونات صينية، وبسبب هذه الإجراءات بدأت بعض الشركات المكسيكية في تغيير سلاسل التوريد الخاصة بها للابتعاد عن الصين، وغالبًا ما كان ذلك بدعم من الحكومة المكسيكية، وفي استراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة، أوضحت إدارة ترامب أنها تركز على تعزيز نفوذها في نصف الكرة الغربي، بما في ذلك الحد من وجود قوى مثل الصين في المنطقة، وجاء في الوثيقة: نريد أن تعتبرنا الدول شريكها المفضل، وسنثنيها عن التعاون مع الآخرين بكل الوسائل الممكنة
تتمتع واشنطن بتأثير كبير على المكسيك، فالدولتان هما أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض، حيث بلغ حجم التجارة بينهما العام الماضي 840 مليار دولار، أي ما يعادل سبعة أضعاف حجم التجارة بين المكسيك والصين، كما بدأت إدارة ترامب مؤخرًا مراجعة لاتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA)، التي أُقرت خلال ولايته الأولى، لكنه هدد مرارًا بإلغائها، وتحدث ترامب أيضًا عدة مرات عن إمكانية استخدام القوة العسكرية ضد كارتلات المخدرات في المكسيك، وهو ما وصفته شينباوم بأنه غير مقبول، وقد خفف الرئيس الأمريكي من لهجته مؤخرًا مع زيادة التعاون بين البلدين في مجالات الأمن والهجرة والتجارة.
ستختلف نسبة الرسوم الجديدة حسب نوع السلع، وستُفرض أيضًا على بضائع من دول أخرى ليس لها اتفاقيات تجارية مع المكسيك، مثل كوريا الجنوبية وتايلاند والهند، لكن التأثير الأكبر سيطال الصين باعتبارها المصدر الأضخم، وأعربت السيناتورة المكسيكية أليخاندرا باراليس، التي ينتمي حزبها إلى المعارضة، عن مخاوفها من أن تؤدي الرسوم إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمكسيكيين، وخاصة في قطاع السيارات.

